التنمية والمحافظة على البيئة

1:02 ص
التنمية والمحافظة على البيئة
 تمثل البيئة عنصراً مهماً في الحياة بشكل عام ، لكن إدراك هذه الأهمية يختلف من مجتمع لآخر ، وتكمن أهميتها في إيجاد المؤسسات التي تعنى في البيئة بالإضافة إلى تعليم وتدريب من يعنى ويهتم بها من متخصصين يدرسون ما ينالها من ضرر , وما تتعرض له من إتلاف على يد الإنسان باستمرار , أو بفعل العوامل الجغرافية من رياح، وسيول جارفة، وحرارة ، أو بفعل المصانع , والمركبات , ومخلفاتها التي تزداد يوماً بعد يوم في كل أنحاء العالم. كما أن الاهتمام يتعدى الدراسة والتشخيص لواقع البيئة إلى السعي لمنع الأضرار، بل ويتناول الجهود التي تبذل لإنماء البيئة وإعادتها لوضعها الطبيعي الذي تكون فيه الخضرة على أحسن وضع ، والهواء في أفضل صورة , والماء على أحسن حال. وسعياً من الإنسان لإصلاح ما أفسده بيده، واستجابة لمخاوف بدأ يحسها ويجد أضرارها في صحته ، وفي مأكله , أوجد تشريعات ونظم محلية وعالمية، فهيئة الأمم تعتبر إحدى الجهات العالمية التي تهتم بالبيئة وتحافظ عليها، ومن أهم ما استحدثته المعاهدات التي تعنى بالشأن البيئي بالإضافة إلى المؤتمرات الدولية. ويحق لنا نحن المسلمون أن نفاخر بديننا الذي سبق كافة النظم والتشريعات حيث أكد وبصورة قطعية أهمية البيئة وضرورة المحافظة عليها , حتى في وقت الحرب لا يجوز قطع الأخضر , ولا إحراق اليابس، كما نهى الإسلام عن وضع النجاسة في الماء حتى ولو كان نهراً جارياً، ومع تغير الظروف الحياتية في كثير من المجتمعات وكثرة المصانع والمركبات، أصبحت البيئة عرضة للتلوث , والدمار , والتخريب مما أفسدها وحولها إلى بيئة مضرة لحياة الإنسان , مسببة للكثير من الأمراض , ليس أقلها الحساسية في الجلد , والجهاز التنفسي ، بالإضافة إلى أمراض خطرة تصيب الإنسان في مقتل كما يقول المثل. ويفعل ما آلت إليه أوضاع البيئة في كل أنحاء العالم , بدأ البعض في التحرك بغرض التقليل قدر الإمكان من الأضرار , وقد وجدت في الغرب حركة الخضر خاصة في أمريكا , وأوروبا , وتشكلت أحزاب سياسية جعلت من البيئة والمحافظة عليها أساساً لبرامجها السياسية ونشاطاتها، حتى أن بعض هذه الحركات اعترضت على الكثير من التفجيرات النووية وسيرت المظاهرات بهدف الاحتجاج , والتبصير بالأنشطة الضارة والتي من أبرزها ثقب الأوزون , وما يحمله من تهديد للحياة. وقد تأثر موضوع البيئة وحمايتها سلباً بمواقف سياسية خاصة لبعض الدول مثل أمريكا التي تعارض الاتفاقيات الدولية , ولا تلتزم بها وذلك حفاظاً على مصالحها ومكاسبها الاقتصادية التي تدرها مصانعها الملوثة للبيئة. وعلى الصعيد الوطني لو تأملنا واقعنا لوجدنا أن مدننا تأسست في ظروف اجتماعية و واقتصادية , وثقافية لم يكن الوعي بالبيئة حاضراً في تلك الظروف ، كما لم تكن الخبرة متوفرة ولذا فقد تأسست المصانع والمعامل بالقرب من المدن وأحياناً في وسط المدن، أما وبعد أن ارتقى المجتمع في مستوى تعليم أبنائه، ووجد من بينهم من له اهتمام بالبيئة والمحافظة عليها ، فقد اصبح من المسلم به القراءة حول البيئة في الصحف والمجلات , ونسمع في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية برامج تثير موضوع البيئة , كما أن الندوات والمؤتمرات التي تعقد بشأن البيئة تشارك المملكة فيها بالوفود , والبحوث , وأوراق العمل لأننا لم نعد مجتمعاً منعزلاً لوحده , كما أن وعينا وإدراكنا لخطورة تلوث البيئة على صحة الإنسان والحيوان والنبات اصبح هماً مشتركاً للجميع . وسعياً من الجامعات في خدمة البيئة اوجدت البرامج والمواد الأكاديمية ذات العلاقة بالبيئة , فجامعة الملك سعود اوجدت مركز الأمير سلطان لأبحاث المياه والتصحر , والذي يعنى بإجراء البحوث والدراسات ذات العلاقة ببيئة المملكة , كما أن جامعة الملك عبدالعزيز اوجدت مركز ابحاث البيئة , لكن كل هذه الجهود تبقى نقطة في بحر ازاء المشكلات البيئية التي تواجهها البيئة المحلية . ومع أن مؤسسات الدولة مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية , ورئاسة الأرصاد وحماية البيئة , وهيئة حماية الحياة الفطرية وإنمائها فيها اقسام ووحدات معنية بالبيئة , إلا أن الجهود المبذولة بشأن حماية البيئة والمحافظة عليها اقل من ما يجب والا لما شاهدنا التلوث يحيط بأجوائنا , والمستنقعات تنتشر في اجزاء كثيرة من المدن , واحياناً كثيرة داخل الأحياء السكنية . واعتقد أن السبب يعود ربما لتداخل الصلاحيات بين الجهات المتعددة , إذ أن كل جهة ربما تلقي باللائمة والمسؤولية على الجهة الاخرى وفي النهاية تكون البيئة ومعها الإنسان ضحية ضياع المسؤولية بين الجهات المتعددة , وفي مثل هذه الممارسات إضاعة للدم بين القبائل . وحتى لا يستمر مسلسل الاضرار بالبيئة لابد من التأكيد على أن المهمة هي مهمة الجميع افراداً ومؤسسات , فالفرد يمكنه المحافظة على البيئة من خلال بيئتة الصغيرة , بيئة المنزل , وبيئة الحي , وذلك بالمحافظة عليها , أما الجهات الرسمية سواء كانت تنفيذية , أو رقابية فهي المعني بصورة رسمية , وتقع عليها الجهود الأساسية , ويفترض عدم تعارض جهودهما , بل لابد من التكامل بينهما ، فتخطيط المدن ، والمصانع, والمعامل , والورش , وتراخيصها، والمجالس البلدية ، كل هذه الجهات وغيرها معنية ومطالبة بالقيام بدورها. الجميع علم قبل فترة قصيرة عن التوسعة التي استحدثت في مصنع إسمنت اليمامة، ومع أن المصنع نشأ في مكانه الحالي في ظروف لم تكن فيه مدينة الرياض بهذا التوسع , والتمدد السريع , إلا أن التوسعة تزيد الطين بله في شأن التلوث , ومن حق الجميع أن يتساءل كيف تم الترخيص لهذه التوسعة مع أن الجميع يعاني من أطنان الغبار التي يقذف بها المصنع قبل توسعته ؟! إن تداخل المسؤوليات بين الجهات قد يعطي فرصة للبعض لتمرير مثل هذه الأمور , وفرضها على أرض الواقع مع إدراك خطرها ومضارها على الجميع وبلا استثناء. إن التأخر في تنفيذ مشاريع النقل العام وبالذات القطارات داخل المدن يزيد من تلوث البيئة ويضاعفها، ويعقد الأمور في نهاية المطاف , حتى يجعل من المستحيل تنفيذها في المستقبل، أو تنفيذها وبأسعار باهظة تكلف الوطن الكثير من صحة الناس وأموالهم بغرض العلاج , أو بهدف التقليل من الأضرار التي تحدثها ملايين السيارات التي تسير في شوارع وطرقات مدننا. كثيراً ما نستشهد بالآخرين الذين سبقونا في كثير من المجالات، فهل نستشهد بهم ونقلدهم ونستفيد من تجربتهم في شيء ليس فيه ما يتعارض مع مبادئنا ، بل أنه يتفق مع مبادئنا وفي الصميم إلا إنه تخطيط المدن وإجراءات ونظم سلامة البيئة . اعتقد أن الجميع يدرك جيداً أهمية بيئتنا فهل نعمل جميعاً لإيجاد تنمية ذات مردود اقتصادي عالي , وبيئة سليمة خالية من الملوثات؟ اعتقد أن بمقدورنا فعل ذلك متى ما وجدت الإرادة وابتعدنا عن الأنانية.

شارك الموضوع مع اصدقائك:

2 التعليقات:

  1. جزاك الله خير اخي/اختي
    على موضوع رائع في انتظار جديدك
    بالتوفيق

    ردحذف
    الردود
    1. je suis contente pour se sujet c' est manifique bravo

      حذف