منافع هائلة للزراعة العضوية رغم تهميشها

1:57 ص
 
لا تزال مساحة الأراضي المعتمدة كأراضي عضوية لا تزيد على 0.9 في المئة من إجمالي الأراضي الزراعية في العالم، بما يعادل مجرد 37 مليون هكتارا، وذلك على الرغم من الطلب المتزايد في مختلف أنحاء العالم على الأغذية والأقمشة وغيرها من المنتجات العضوية.

ويحدث ذلك علي الرغم من أن الزراعة العضوية توفر العديد من الفوائد، بما في ذلك خفض تعرض الإنسان للمواد الكيميائية السامة، وتحسين أحوال الأراضي، وزيادة هوامش ربح المزارعين.

وكانت البلدان التي تعتبر منتجة معتمدة للمواد العضوية عام 2010 هي الهند ( بمجموع400,551 مزارع)، وأوغندا (188,625 مزارع)، والمكسيك (128,826 مزارع). وكانت أوروبا هي المنطقة التي أضافت أكثر الأراضي الزراعية العضوية بين عامي 2009 و 2010.

وبشكل عام، انخفض حجم الأراضي المزروعة عضوياً في جميع أنحاء العالم بنسبة 0.1 في المئة بين عامي 2009 و2010، ويرجع ذلك إلى حد كبير لإنخفاض مساحة الأراضي العضوية بالهند والصين. ومع ذلك، نمت الأراضي الزراعية العضوية بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 1999.

وكانت الحركة الحديثة التي تبنت الزراعة العضوية قد ظهرت في فترة الخمسينيات والستينيات كرد فعل على مخاوف المستهلكين من الاستخدام المتزايد للكيماويات الزراعية. ومن المعروف أن فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال فترة الخمسينيات قد اشتهرت بكونها "العصر الذهبي للمبيدات".

لكن عندما بدأ فهم التأثيرات الصحية والبيئية السلبية للمواد الكيميائية الزراعية، بدأت الحكومات بتنظيم استخدامها، وبدأ المستهلكون يطالبون بالأطعمة العضوية المعتمدة. هكذا، نجد أنه منذ عام 2010 بلغت مبيعات الأغذية العضوية 59 مليار دولاراً أمريكياً.

وبالرغم من أن متطلبات الإعتماد تختلف بحسب كل منظمة مشرفة علي إصدار تراخيص الإعتماد، إلا أن الزراعة العضوية تنطوي على إتباع مبادئ إيكولوجية معينة، مثل إضافة نشارة الخشب إلى الأرض أو تناوب المحاصيل التي تزرع في حقول معينة.

كما تحظر الزراعة العضوية استخدام المواد الكيميائية الإصطناعية، مثل الأسمدة ومبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات.

وبالمقارنة مع الوسائل التقليدية في الزراعة، نجد أن الزراعة العضوية هي صحية جداً لنظام المزرعة الإيكولوجي المتكامل: فهي تقوي التنوع البيولوجي على مستوى المزرعة، وتحمي الممرات المائية القريبة من التلوث الكيميائي، وتساعد التربة على الاحتفاظ بالماء والمغذيات، وتحسن القدرة على التكيف مع الجفاف وغيره من أنماط الطقس القاسية.

كما أنها تقلل من تعرض الإنسان لمواد كيماوية أو مخلفات سامة، والتي ترتبط بمجموعة متنوعة من الأمراض.

هذا وقد أجرى معهد رودل، وهو منظمة للبحوث العضوية وحشد التأييد في الولايات المتحدة، دراسة مقارنة للزراعة العضوية مقابل الزراعة التقليدية منذ عام 1981.

وركزت الدراسة على الذرة وفول الصويا، وهي الحبوب التي تعتبر للولايات المتحدة المنتجة الأولي والثانية لها العالم على التوالي.

ووجدت الدراسة أن الزراعة العضوية تتفوق على الزراعة التقليدية في العديد من المستويات. فعلي مدى أكثر من 30 عاماً، تمكن إنتاج المحاصيل العضوية من أن يعادل المحاصيل التقليدية، بما في ذلك الإنتاج الأعلى بنسبة 31 في المئة في أوقات الجفاف المعتدل.

كذلك فتحتفظ التربة العضوية بالمزيد من الكربون، والميكروبات والمياه، وبينت الدراسة أن النظم العضوية أكثر ربحية بثلاث مرات عن النظم التقليدية، فبلغ متوسط العائد الصافي لإنتاجها 558 دولاراً للفدان سنوياً مقارنة ب 190 دولاراً للنظم التقليدية.

كما أن الحقول العضوية أنتجت ما يقرب من 40 في المئة أقل من غازات الدفيئة المنبعثة لكل رطل من المحاصيل.

إلا أن هناك نقص في البيانات الموثوق بها للأراضي التي تزرع وفقا للأسس العضوية ولكن لم يتم اعتمادها رسمياً.

وتفيد تقارير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بأن غالبية المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة لا تزال تزرع الأرض بأساليب عضوية كأمر معتاد، إما لأنهم لم يدخلوا المواد الكيميائية، أو بسبب نظامهم الزراعي الذي لا يتطلب مدخلات كيميائية.

وفي العقود الأخيرة، أدت المنتجات العضوية المعتمدة إلى خلق سوق متخصصة، مما سمح للمزارعين بكسب أرباح أعلى من المنتجات التقليدية، وخاصة عند بيعها لمحلات "السوبر ماركت" أو المطاعم.

وقد وجد المزارعون في البلدان النامية أيضاً أن منتجاتهم سوف تحصل على سعر أعلى إذا تم تصديرها إلى الأسواق الدولية التي تحقق المزيد من الربح.

ومع ذلك، فإن تكاليف الإمتثال للمعايير الدولية للزراعة العضوية كثيراً ما تجبر المزارعين على الحد من التنوع على مستوى المزرعة وزيادة الإنتاج "للمحاصيل النقدية" القليلة مثل البن والقطن والكاكاو.

ولذلك يمكن للزراعة العضوية المعتمدة أن تتسبب في بعض المشاكل الإيكولوجية التي تسببها الزراعة التقليدية.

لذا، قد يختار المزارعون تجنب إصدار الشهادات لأنهم يعتقدون أن التكاليف أو اللوائح المتعلقة بالإعتماد تعيق عملهم، وأن عملائهم يثقون بما يقومون به من زراعة للمحاصيل الغذائية بشكل صحي وآمن.

ويتزايد كون هذا الخيار ممكنا مع انتشار أسواق المزارعين والزراعة المدعومة من المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم.

فإنتاج الغذاء على نحو مستدام -بما يتضمن الزراعة من دون مواد كيميائية كلما كان ذلك ممكناً- سيكون هاماً جداً في العقود المقبلة، وذلك مع تزايد أعداد سكان العالم المستمر ومع تزايد تأثيرات التغيير المناخي على نوعية الأراضي في جميع أنحاء العالم.

فالزراعة العضوية لديها القدرة على المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، وتحسين دخل المزارعين بشكل كبير، وتعزيز التنوع البيولوجي والحد من ضعف النظم الإيكولوجية أمام تغيرات المناخ.

لكن من المهم أيضاً أن تشكل الزراعة العضوية جزءاً من النظام الغذائي العالمي الأكثر استدامة -حيث يتمكن المستهلكون ذوي الدخل المنخفض من تحمل كلفة الأطعمة الطازجة والمغذية.
كم يمكن للمزارعين بموجبها حماية النباتات المهددة وأنواع الحيوانات التي قد لا تكون الأكثر إنتاجية لكن يمكنها تحمل درجات الحرارة القصوى أو الجفاف، وأيضا حيث تقوم محلات "السوبر ماركت" والمعلنون بالترويج لإستهلاك الأطعمة الصحية بدلاً من الأطعمة الجاهزة.

شارك الموضوع مع اصدقائك:

0 التعليقات:

إرسال تعليق